أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
مصريات مازال البحث و التنقيب عن كنوز و آثار الفراعنة في مصر هدفا لكل لصوص الحضارة وسارقي تراث الأجداد ممن يمنون أنفسهم بثروة ضخمة تهبط على رءوسهم من السماء، ذلك الحلم الذي لا يتحقق كانت نتيجته مصرع ثمانية أشخاص في الأسبوع الماضي بالهرم وبولاق الدكرور تحت أنقاض حفرة عميقة قاموا بحفرها بحثاً عن الاثار أسفل منازلهم وكأنها لعنة الفراعنة. تلك الواقعتان جعلتنا نعيد فتح ملف سرقة الآثار لنكشف آخر ابتكارات الحفر العشوائي للبحث عن الآثار مع قرب مناقشة قانون الآثار الجديد في مجلس الشعب خلال دورته القادمة. الحادث الأول كان في حي الهرم وتحديداً في منطقة نزلة السمان تلك البقعة السحرية التي تجاور أهم عجائب الدنيا السبع ولأن تلك المنطقة تعد امتداداً لمدينة العمال الذين استعان بهم ملوك الفراعنة لبناء أهراماتهم فانها غنية بالآثار التي لم تكتشف حتى الآن ولذلك وضعت هيئة الآثار تلك المنطقة قيد تصرفها وحرمت على سكانها القيام بأي أعمال للحفر أو البناء إلا بعد الحصول على تصريح وترخيص بذلك بعد أن تتأكد من خلو منطقة الحفر من أي آثار لكن ذلك لم يمنع لصوص الآثار والحالمين بثروات الفراعنة من انتهاك هذه المحظورات وآخرهم عماد صاحب بازار شهير في شارع الهرم الذي استعان بثمانية أشخاص للقيام بالحفر أسفل منزله بزعم البحث عن آثار على عمق مترا وبالفعل جهز العدة لذلك وبدأت عملية الحفر لكن ما أن وصل عمق الحفر إلى 12 متراً حتى انهارت فوق رؤوس ثمانية من معاوني الحفر ليلقوا مصرعهم في الحال ولتكتشف الشرطة الأمر وتقرر القاء القبض على عماد ومصادرة أدوات الحفر وفي التحقيقات تفجرت مفاجآت عدة منها قيام هذا الرجل بمساعدة اثنين من القتلي بالعثور على آثار في بداية الحفر واخفاها فوق سطح العقار لحين التصرف فيها بالبيع وبالعرض على النيابة التي باشرت التحقيقات قررت حبسه والتحفظ على المضبوطات والتصريح بدفن القتلى الستة عقب تشريحهم بمعرفة الطب الشرعي. وفي بولاق الدكرور وفي وقت معاصر لتلك الجريمة قام ثلاثة رجال وسيدة بالاستعانة بأحد الدجالين الذي أخبرهم بوجود كنز أثري أسفل منزلهم وأعدوا العدة لحفر حفرة بعمق 16 متراً بواسطة شدة خشبية لكن الحفرة انهارت فوق رأس صاحب المنزل وأحد أعوانه الذي تخصص في الحفر وكشفت تحقيقات مباحث بولاق الدكرور ان المجني عليه قام بمساعدة زوجته وعاملين بالحفر بحثاً عن كنز أثري أسفل منزله بعدما أخبرهم أحد الدجالين بذلك وأوهمهم أن الكنز عبارة عن مقبرة فرعونية تحوي العشرات من القطع الأثرية التي لا تقدر بثمن.
تلك الواقعتان أعادت للأزهان حمي الحفر بحثاً عن كنوز الفراعنة التي انتابت أهالى قرية سعود بمركز الحسينية بالشرقية وهي القرية المجاورة لمنطقة اثار صان الحجر منذ سنوات، بخاصة عندما هطل سيل من الأمطار على التل الرملي المتاخم للقرية وجرف معه بعض القطع الأثرية التي بادر الأهالى بسرقتها وبيعها لحسابهم لتجار الآثار. والوقائع في قتلى البحث عن الآثار كثيرة وتزخر بها محاضر الشرطة وتحقيقات النيابة، فلا يكاد يمر شهر إلا ويسقط أحدهم قتيلاً أسفل حفرة حفرها بحثاً عن الاثار أو كشفت الشرطة عن محاولة لسرقة الاثار في منطقة ما. وفي إحصائية لشرطة السياحة والاثار عن أكثر المحافظات في عدد حوادث التنقيب عن الاثار تأتي محافظة قنا في المركز الأول تليها محافظة المنيا وأسوان ثم الجيزة، فالشرقية وأخيراً الوادي الجديد وهذه الإحصائية تكشف مدى شغف أهالى هذه المحافظات بالبحث والتنقيب عن الآثار.. كما أن الترتيب يواكب ترتيب هذه المحافظات بالنسبة لما تحويه من اثار طبقاً للخرائط الجغرافية للمناطق الأثرية التي وضعتها وزارة الثقافة ممثلة في الهيئة العامة للآثار. ولعل جريمة التنقيب عن الاثار تصاحبها جريمة أخرى مرتبطة بها هي جريمة الاتجار في الاثار ومازالت هناك قضايا شهيرة تتعلق بهذه الجريمة من بينها قضية الآثار الكبرى المتهم فيها طارق السويسي الذي كان يشغل أمين عام الحزب الوطني بالهرم سابقاً وآخرون والذين وجهت له تهم تهريب الاثار إلى خارج البلاد وقدرت ثروته وقتها بـ3 مليارات جنيه إلى جانب مليونين من الدولارات ومؤخراً ألقت مباحث السياحة والاثار القبض على ثلاثة تجار وبحوزتهم 193 قطعة أثرية أثناء قيامهم بعرضها للبيع يرجع تاريخها للعصر الفرعوني وبمواجهتهم أكدوا أنهم حصلوا عليها عن طريق التنقيب في منطقة جبلية بقنا.وفي سباق متصل كشف تقرير للجهاز المركزي للمحاسبات عن عدم اتخاذ إجراءات عقابية إلا في 3 قضايا فقط من بين 306 قضايا اتجار في الاثار و69 قضية حفر وتنقيب عن الاثار وكشف التقرير أيضاً عن أن أهم الأسباب التي ساعدت على سرقة الاثار تتمثل في عدم وجود متاحف أو مخازن مؤمنة مما يؤدي إلى تكدس آلاف القطع الأثرية في أماكن يسهل على اللصوص سرقتها كما أن عمليات التنقيب في المناطق الأثرية تتم دون أي عوائق أمنية أو حتى ضوابط من قبل هيئة الآثار وجهاز حماية الآثار. ولأن قضية سرقة الآثار والاتجار فيها من الجرائم شديدة الخطورة فقد كشفت دراسة بحثية قام بها الدكتور أحمد وهدان مستشار المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية عن أن هناك 15 ألف قضية تنقيب واتجار في الاثار خلال سبع سنوات بما يعادل 2000 قضية كل عام وهو ما دفع عددا من أعضاء مجلس الشعب بالدعوة إلى إنشاء جهاز متكامل في المجلس الأعلى للاثار تكون مهمته الأساسية هي متابعة كل ما يتم من سرقات في الداخل والخارج على أن يضم هذا الجهاز اثريين من جميع التخصصات ومجموعة من المحامين ووزارة الداخلية ممثلة في شرطة السياحة والآثار لاسترداد اثار مصر المنهوبة. ومن ناحيته قام المجلس الأعلى للآثار بتدشين موقع الكتروني على الإنترنت لعرض أهم الاثار المنهوبة التي ثبت سرقتها وتهريبها للخارج وانذار صالات المزادات والمتاحف من التعامل عليها في الوقت الذي يبذل مسئولو المجلس جهوداً مضنية لاستعادة قطع من الاثار المهربة للخارج والتي يكشف عنها في أي دولة من دول العالم. ومن المنتظر أن تشهد الدورة البرلمانية القادمة من مناقشة قانون الاثار الجديد الذي قدمه المجلس الأعلى للاثار لتشديد العقوبات على لصوص الاثار وتهربيها ومن ينقبون عنها وهو مشروع القانون الذي تم تأجيل مناقشته لأكثر من دورة برلمانية لكن طبقاً لمصدر برلماني فإنه من المنتظر أن يرى النور قريباً عقب مناقشته في الدورة القادمة. حول جريمة التنقيب عن الاثار يقول اللواء أحمد يوسف الخبير الأمني ان مرتكب مثل هذه الجريمة ليس مجرماً بالمعني التقليدي المعروف وإنما هو شخص تقوده أحلامه وأطماعه لارتكابها طمعاً في العائد المادي الكبير الذي ينتظره خاصة ان هناك الكثيرين الذين لا يجدون في تلك الجريمة حرمة دينية ويعتبرونها من الكنوز المعثور عليها ويستوجب عليها الزكاة وبالبحث دائماً حول هذه الجريمة لابد وأن تجد طرفاً محرضا على ارتكابها وهو في أغلب الحالات ساحر ودجال يوهم من ينقب عن الاثار بوجود كنز أسفل منزله ليحصل منه على المال أو ينصب عليه بالبخور وادوات الدجل المعروفة لينفذ موارده وأغلب حالات التنقيب عن الاثار تنتهي نهاية أبشع من سرقة الاثار سواء بانهيار الحفرة على رءوس العمال أو قيامهم بقتل بعضهم البعض ليخلوا لهم الجو مع الكنز. ويضيف اللواء أحمد يوسف انه للأسف الشديد تتم هذه الجرائم بعيداً عن عيون الشرطة ذلك لأنها تحدث في الخفاء داخل المنازل وفي سرية تامة ولا ينكشف أمرها إلا بفشلها أو في محاولة الاتجار بالآثار المعثور عليها حال خروجها للنور. وحيل هؤلاء المجرمين لا تنتهي فهناك من يستعين بأثريين وخرائط وأجهزة متخصصة في الكشف عن المعادن وأجهزة حديثة لتصوير باطن الأرض، بالإضافة إلى المعدات المساعدة وجميعها يتم ضبطها مع إحراز القضية. ويطالب المستشار محمد الهواري رئيس محكمة الجنايات أجهزة الأمن بضرورة تعقب لصوص الاثار خاصة في الاماكن التي يثبت بتصويرها الجيولوجي انها منطقة اثار مثل نزلة السمان مثلاً التي تعد امتداداً لمنطقة الأهرامات على أن تتابع الثراء المفاجئ لساكني هذه المناطق وعمليات الحفر بها إلا أن معظم جرائم الاثار لا يرتكبها إلا أصحاب النفوذ أو بمساعدتهم وتهريبها أيضاً يتم بنفس الطريقة خاصة مع وجود أجهزة حديثة في المطارات والموانئ تقوم بكشف عمليات التهريب حال عبورها بوابة الجهاز الذي يشبه جهاز الكشف عن المعادن. أما من ناحية العقوبات المقررة لهذه الجريمة فيؤكد الدكتور حمدي شمس أستاذ القانون الجنائي أن العقوبات المنصوص عليها في القانون لا تتناسب مع حجم الجرم المرتكب ففي أحيان كثيرة يعاقب مهرب الاثار بالاشغال الشاقة أو السجن المشدد والغرامة رغم أن هذه الجريمة تستحق عقوبة الاعدام نظراً للضرر البالغ الذي يتسبب فيه الجاني من سرقة تاريخ بلاده وحضارتها فضلاً عن أن ذلك الحكم سيكون رادعاً لكل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجريمة. ويلفت د. شمس إلى أن الأخطر من ذلك هو تلك القضايا التي تقيمها الدولة في الخارج لاسترداد اثارها عن طريق التحكيم الدولي والتي في الغالب تخسرها ذلك لأن الأثر المهرب غير مسجل في دفاتر الاثار ومنظمة اليونسكو لأنه من متحصلات التنقيب وتلك مسألة غاية في الأهمية ويجب وضعها في الحسبان من خلال إعداد قوائم بالاثار المصرية المهربة ومطالبة اليونسكو بالمساعدة في استردادها.